بمناسبة اليوم العالمي للمسنين.. أستاذ علم الإجتماع يفسر أسباب إرتفاع نسبة الشيخوخة في المغرب
عرف العالم يوم أمس الجمعة فاتح أكتوبر، الإحتفال باليوم العالمي للمسنين، وأفادت المندوبية السامية للتخطيط، أن الأشخاص البالغين 60 سنة فأكثر، سنة 2021، يقارب 3،4 مليون نسمة، وهو ما يمثل 11،7 في المائة من مجموع السكان.
وأوضحت المندوبية، أن عدد الأشخاص المسنين سجل نموا سنة 2021 مقارنة مع 2004، إذ لم يكن يتجاوز سوى 2،4 مليون، أي ما يمثل 8 في المائة من مجموع ساكنة المغرب، وأكدت المندوبية على أن هذا التطور يأتي بفضل تحسن أمد حياة السكان إضافة إلى انخفاض معدل الخصوبة.
وأوضح الأستاذ والباحث في علم الإجتماع رشيد جرموني، أن المغرب عرف إنتقالا ديموغرافيا سريعا، ولعل من بين مؤشراته هو إرتفاع نسبة المسنين في مجموع سكانه.
وأضاف المتحدث ذاته أن هذا الإرتفاع يدل على تحولات نوعية في الهرم السكاني، إذ أن إرتفاع نسبة هذه الفئة، يؤشر على وجود إنخفاض في نسبة الأطفال أقل من 5 سنوات، موضحا أن نسبة الخصوبة بالمغرب في انخفاض تصل إلى 1إلى2 طفل لكل امرأة، وهي النسبة المنتظر أن تنخفض أكثر في العقود المقبلة.
وقال الأستاذ الجرموني في تصريحه لموقع لالة بلوس: »يمكن أن ترتفع نسبة المسنين بالمغرب، إذا ما كانت إستفادة هذه الفئة من الخدمات الصحية وتغير في نمط العيش بصفة عامة، كالتغذية الصحية وتوفر وسائل الراحة والرفاه الإجتماعي، صحيح أنها ليست عامة في جميع المناطق والمجالات، لكن النتائج والنسب تحتسب وطنيا وليس فقط محليا وجهويا ».
وفي قراءة للأرقام الواردة في التقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط 2021، يقول الأستاذ جرموني، أن نسبة الشيخوخة تنحو نحو التأنيث فهي حاضرة عند النساء (52 بالمائة) أكثر من الرجال، وذلك لإرتفاع أمد الحياة عند العنصر النسوي، وفسر نسبة رتفاع الشيخوخة عند النساء بأنها مرتبطة بالتنشئة الإجتماعية لكل من الرجال والنساء في المجتمع المغربي، فالمرأة أقل حضورا في الأشغال الشاقة وفي أعمال البناء وفي المناجم وفي مهن الصيد وغيرها من المهن التي نطلق عليها في الحس المشترك المهن الصعبة، وبالتالي فإن ذلك يؤثر على معدل أمد الحياة، وفي المقابل نجد الإهتمام الذي ما زالت توليه الأسر المغربية للأم والجدة الكبيرة السن على الرجل، خصوصا في الأسر التي تتوفر على فتيات، فيكون الإهتمام بهن في سن الشيخوخة أكثر من الرجال، فغالبا ما نجد أن الرجل يتقاعد ويستمر في البحث عن العمل أو يعمل مهنا أخرى، بينما المرأة تتكلف بشؤون البيت أو برعاية أحفادها وحفيداتها.
ومن جانب التوزيع الجغرافي، أشارت المندوبية إلى أن عدد الأشخاص المسنين في الوسط الحضري سيتزايد بوثيرة أسرع منه في الوسط القروي، ويرجع ذلك أساسا إلى الهجرة القروية في الماضي، حيث قدم الاستاذ الباحث في تصريحه لموقع لالة بلوس تفسيرا أوليا لهذه الظاهرة،فالوسط الحضري مرتبط بتوفر وسهولة الولوج للخدمات الصحية سواء في صيغتها الأساسية أو التكملية، فعلى سبيل الذكر: فإن تمثل المرض عند القرويين ليس هو عند الحضريين، وصداع الرأس الذي قد يصيب شخصا في المدينة، ويبحث له عن دواء أو مسكن، قد لا يلتفت له الشخص في الوسط القروي، إما بسبب ضعف الوعي الصحي عند هذا الأخير، أو بسبب ضعف الإمكانيات المادية.
كل هذا يفسر في إعتقادنا الخاص أن ارتفاع نسبة الشيخوخة الحضرية ما هي إلا وجه لإختلاف الشروط الموضوعية التي تهم كل مسن في الوسط الذي يعيش فيه.
وقد سجلت المذكرة الإحصائية ثلاث مناطق، الأولى هي التي ترتفع فيها (الشرق..بني ملال الدارالبيضاء..) النسبة في حدود 13 بالمائة، بينما تتخفض النسب في أقاليمنا الجنوبية، وتستقر النسب في المناطق أو الجهات الرباط/ مراكش…. في حدود 11.7 أي النسبة الوطنية، ويمكن تفسير هذه الإختلافات بالدرجة الأولى حسب تصريح الاستاذ جرموني، لتوفر مجموعة من العوامل والشروط، أولها هو كون الساكنة المغربية في جنوب المملكة، تتميز بنسبة هامة من الشباب حيث ترتفع نسبة الخصوبة عند المرأة وبالتالي تؤثر على الهرم الديمغرافي ككل، بينما ترتفع نسبة الشيخوخة في المنطقة الأولى (الشرق : الدارابيضاء ) لنفس السبب وهو انخفاض نسبة الخصوبة بهذه المناطق، هذا علاوة على تغير في نمط العيش وأسباب الرفاه السكاني، ونمط التغذية، والأسباب العائلية وقلة الأمراض ونعني بها أمراض الشيخوخة، فهي تقل أو ترتفع بحسب وجود عدة عوامل: كالتطبيب والوعي الصحي والعناية الإجتماعية، لكن هذا لا يعني أن المناطق الصحراوية لا تتوفر على هذه المميزات، بيد أن الأمر مرتبط بارتفاع نسبة الخصوبة وبكون المكونات التي تسكن هذه المناطق فهي في الغالب لا زالت في مرحلة الشباب ، بينما تمثل نسبة المسنين نسبة متناسبة مع مجموع السكان.