حلمها تشريف الوطن.. إيناس الرشيدي سباحة مغربية تتألق في كندا
« الجسم ينجز ما يؤمن به العقل »، مقولة شهيرة لأحد الكتاب الأمريكيين، تؤكد صدقها إيناس الرشيدي، 16 سنة، وهي سباحة مغربية واعدة تألقت بكندا، بلد البحيرات.
خلف الابتسامة الهادئة التي تظهر في صورها عقب كل تتويج، عزيمة قوية مفعمة بالحماس، وإصرار على تحطيم الأرقام القياسية، لعل آخرها تحطيم رقم قياسي شخصي خلال منافسة السباحة في « لا بي دي شالور » بكندا.
واحتلت الرشيدي المركز الأول بفضل تكتيك يظهر براعتها في هذه الرياضة، والذي مكنها من تجاوز منافسها الكندي مع اقتراب نهاية السباق.
السباحة « بشكل وراثي »
هذه البطلة الصاعدة، التي ازدادت بمدينة الدار البيضاء واستقرت رفقة أسرتها بكندا في العام 2016، تمارس رياضة السباحة « بشكل وراثي » إن صح التعبير.
وتؤكد إيناس، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة تمثيلها للمغرب في بطولة العالم للسباحة للناشئين للسباحة في المياه المفتوحة، التي تحتضنها جزر سيشل ما بين 16 و18 شتنبر الجاري، أنها ولدت في أسرة يتقن جميع أفرادها السباحة.
فوالدها، محمد الرشيدي، وهو أيضا مدربها، كان سباحا ولاعب رياضة الكرة المائية (ووتر بولو) ضمن فريق الوداد البيضاوي والمنتخب الوطني المغربي.
والدتها أيضا، إلهام وقدي، كانت سباحة ضمن نادي الوداد البيضاوي والفريق الوطني. ولتكتمل الصورة، فإن شقيقها إلياس، وهو في الـ20 من عمره، كان أيضا سباحا ماهرا في المسافات الطويلة، ومثل مقاطعة نيو برونزويك في ألعاب كندا سنة 2017.
وتقول « لم أشعر قط أنني مجبرة على السباحة، فقد كانت أسرتي تشجعني على اللعب في الماء والاستمتاع بالسباحة ».
أفضل سباحة
تتذكر إيناس أول منافسة خاضتها بالمغرب ضمن مسارها الرياضي، وهي بعد في ربيعها السادس، تحت ألوان نادي الرجاء البيضاوي، الذي تعتبره فريقها الأبدي. « أطوار المنافسة الصيفية جرت في مدينة تيزنيت، خضت السباقات الأربعة وقام الجميع بتهنئتي على مجهوداتي خلال المنافسات. كانت الشرارة التي أوقدت روح التنافس في ما سيليها بعد ذلك ».
وعلى خطى السباحة المغربية سارة البكري، سارت إيناس، سارة البكري أفضل سباحة في تاريخ هذه الرياضة بالمغرب، كانت قدوتي وكنت أحلم أن أسير على خطاها ».
بالنسبة لإيناس، تتطلب المشاركة في المنافسات الدولية للسباحة عددا من المقومات.
وتوضح « والدي كان مدربا وطنيا في المغرب، وكنت أتابع المنافسات الدولية التي كان يخوضها رفقة السباحين. أدركت حينها أن المشاركة في هذه التظاهرات الدولية من مستوى عال تتطلب الكثير من المثابرة والتفاني ».
وبغية التحضير الجيد، جسديا وذهنيا، لأطوار هذا النوع من المنافسات، شاركت إيناس مؤخرا بإسبانيا، في معسكر صيفي للسباحة.
الارتياح عند السباحة
أثرت سنتا الجائحة بشكل كبير على أداء وتطور الرياضيين، خاصة ذوي المستوى الاحترافي العالي. الموسم الحالي كان بمثابة استئناف للمنافسات، كما تلاحظ إيناس، موضحة أن مشاركتها في هذا المعسكر شكل فرصة لتجديد الوصل مع المستوى العالي، وبالأخص، تطوير مهاراتها للسباحة في المياه المفتوحة.
تعبر المتحدثة عن الشكر للاتحاد الكندي للسباحة « Natation Canada » الذي سخر كافة الموارد البشرية واللوجستية حرصا على مرور التدريب في أفضل الظروف. « كنت جد محظوظة لأنني تلقيت التدريب على يد أفضل مدربي الفريق الوطني الكندي. لدي أصدقاء جدد، وسألتقي بهم قريبا خلال بطولة العالم للناشئين في جزر السيشل ».
بين السباحة في المياه المفتوحة أو داخل المسابح فروق تقنية ترتبط بمدى تأقلم السباح مع طبيعة المياه، غير أن إيناس لا تجد صعوبة في الانتقال بين هذين الوسطين المختلفين. « أشعر بالارتياح حين أسبح في كل منهما ». صحيح أن المياه المالحة تمنح شعورا بالخفة مقارنة مع المياه العذبة، والسبب راجع لمستوى كثافة المياه.
السباحة في المياه المفتوحة في البحيرات أو البحار تختلف كثيرا عن المسابح. وتعتبر إيناس أنه يتعين على السباحين اكتساب مهارات بدنية وتقنية وتكتيكية وذهنية من أجل تطوير الأداء في هذه الرياضة.
خلال شتنبر الجاري، تمثل إيناس، بكل فخر، ألوان العلم الوطني المغربي في منافسات بطولة العالم للناشئين للسباحة في المياه المفتوحة. تأكيد جديد على أن ارتباط أبناء الوطن الراسخ يظل ثابتا أينما سطع نجمهم.
تتذكر إيناس أجواء الفرحة التي كانت تغمر المغاربة حين كانت قدوتها، البطلة سارة البكري، تعود لأرض الوطن متوجة بميداليات. وتضيف « أشارك للمرة الثالثة ضمن منتخب المغرب، وذلك بعد البطولة العربية للشباب والألعاب الإفريقية في 2019 ».
تشريف الوطن
وتقول الرشيدي: « شعور الانتماء للوطن. أن أبذل كل ما في وسعي لتشريف منتخبي. هذا ما يحفزني من أجل التدرب بقوة على أمل اختياري ضمن منتخب المغرب ».
في الأفق، تبدو طموحات إيناس الرشيدي واضحة، مواصلة التدريب والتعلم، حيث ترغب الشابة أيضا، التي ستنال شهادة الباكالوريا في 2023، أن تحقق التوازن بين شغفها بالسباحة ومسارها الجامعي.
وتضيف: « أهدافي برسم الموسم تتمثل في الانضمام إلى فريق جامعي للسباحة وتلبية المعايير في أفق المشاركة رفقة منتخب المغرب في مختلف المنافسات الدولية ».
و م ع