دفاعا عن الحريات الفردية.. مغاربة يطلقون عريضة « خارجون عن القانون »

شاركي:

وقع مغاربة عريضة يطالبون فيها بإعادة النظر في الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي، الذي يعاقب بالسجن عن العلاقات الجنسية التي تتم خارج إطار الزواج.

وتحمل العارضة اسم « خارجون وخارجات عن القانون »، وفيها يبدي الموقعون، وهم من مختلف فئات المجتمع، رغبتهم في تغيير القانون واحترام الحريات الفردية والحياة الشخصية للمواطنين.

وجاء في العريضة: « نحن، مواطنات ومواطنون مغاربة، نعترف بأننا خارجون عن القانون.. نعم، نحن نخرق كل يوم قوانين جائرة، قوانين بالية أكل عليها الدهر وشرب.. نعم، عشنا أو لازلنا نعيش علاقات جنسية خارج إطار الزواج.. مثل الآلاف من مواطنينا، عشنا أو مارسنا أو كنا شركاء أو متواطئين في عملية إجهاض ».

وأضاف مطلقو العريضة: « تعلمنا كيف نتحايل ونبدع في فن خرق هذه القوانين، كيف ندّعي الالتزام بها، ونكذب. لكن، لكم من الوقت بعد؟ كما لو أن الاختباء صار جزءً من طبيعتنا! كما لو أنها غريزة البقاء تجعلنا نتحايل على النصوص حتى نعيش اختياراتنا وحياتنا! ».

ومما ورد في العارضة أيضا: « كل يوم وفي كل ساعة، في السر، في الخفاء هناك نساء مثلي  ورجال مثلك، محافظون أو تقدميون، شخصيات عمومية أو مواطنون غير معروفين، من كل الأوساط وكل الجهات، يجرؤون ويتصالحون مع اختياراتهم، يستمتعون ويخلدون وجودهم بأنفسهم، يكسرون القيود ويعبثون بالقوانين لأنهم يحبّون.. يحدث كل هذا في الخفاء… وضد القانون.. كل يوم، أنا مذنبة ومجرمة أمام القانون إذا أحببت أو أحبني أحد.. مع كل امرأة يتم اعتقالها، أنا شريكة في الجرم ».

أرقام رسمية

وأوضحت العريضةالتي أطلقتها كل من الكاتبة ليلى السليماني والمخرجة صونيا التراب: « كان من الممكن أن تكون هذه المرأة أنا.. لكنني أقول هذا في سري ثم أمضي في طريقي وأجبر نفسي على النسيان أو التناسي لكني لم أعد قادرة.. لم يعد بوسعي الاختباء وادعاء الطهارة، فجسدي هو ملكي وحدي، وليس ملكا لوالدي ولا لزوجي ولا لمحيطي، وليس قطعا ملكا لعيون المارة، ولا ملكا للدولة ».

ولدعم موقفها، استندت العريضة على أرقام وإحصائيات، تبرز أنه في « سنة 2018، في المغرب، تمت محاكمة أكثر من 14503 شخصا طبقا للفصل 490 من القانون الجنائي، والذي يعاقب بالسجن عن العلاقات الجنسية التي تتم خارج إطار الزواج. وفي نفس السنة، تمت محاكمة 3048 شخصا بتهمة الخيانة الزوجية. كذلك، كل يوم في بلادنا السعيدة، تمارس ما بين 600 و 800 عملية إجهاض في اليوم، وبشكل سري.

وتساءل مطلقو العريضة: « هل يجب أن نزج بكل هؤلاء في السجن كي تنتهي المهزلة؟ هم وشركائهم من أطباء ومناضلين وجمعويين أيضا؟ من سيبقى لكي يدافع ويحلم ويتقدم بالوطن في طريق مستقبل أفضل؟ ».

معركة ليست نخبوية

وخلصت العريضة إلى أن المجتمع المغربي « بلغ مرحلة أصبح التغيير فيها ضرورة تاريخية وثقافية مُلحّة، تغيير سوف يفرض احترام الحياة الخاصة للأفراد والحق في التصرف في أجسادهم، لهذا، نخاطب اليوم الحكومة والأحزاب والمؤسسة التشريعية والدستورية والمجتمع المدني والناس الذين مسّهم الأذى وظلوا صامتين، كي ينظروا إلى الوضع الكارثي على حقيقته ويتحلّوا بالشجاعة المطلوبة لطرح نقاش وطني حول الحريات الفردية ».

واعتبرت العريضة أن « معركة الحريات الفردية ليست معركة نخبوية، هي معركة من أجل الحق في الكرامة، الحق في الحرية، الحق في حماية الحياة الخاصة والحميمة. ومن يعتبر هذه الأمور غير ذات “أولوية”، فهو لا يؤمن بشمولية وكونية حقوق الإنسان. بل لا يؤمن بالإنسان! كلنا خارجات وخارجون عن القانون… إلى أن يتغيّر القانون! ».

رافضون ومؤيدون

وتفاوتت الآراء والمواقف بخصوص العارضة، بين مؤيدين لمضامينها ومعارضين لها.

وعبر أبو حفص، الشيخ السلفي السابق، ورئيس مركز الميزان للوساطة والدراسات والإعلام، عن دعم لهذه العارضة.

وكتب في تدوينة على حسابه الرسمي على الفايس بوك: « إذا كان الاعتقاد والإنسان له كامل الحرية في اختياره وإيمانه بما هو مقتنع به، فكيف بما دونه من الاختيارات السلوكية، لهذا أعتقد أن معركة الحريات الفردية، وحماية الاختيارات الشخصية هي مسؤوليتنا جميعا، دعما لقيمة الحرية، وصونا لحياة الناس الخاصة وحميمياتهم من التدخل من أي جهة أو طرف… لهذا أؤيد وبقوة كل نضال من أجل رفع القوانين التي تتدخل في الاختيارات الشخصية للأفراد، والتي لا تتناسب إطلاقا مع السياق الثقافي والتاريخي الذي نعيشه اليوم ».

وأضاف: « مؤمن وبقوة في أن الناس أحرار في أن يختاروا بمحض إرادتهم ما شاءوا من اعتقادات وسلوكيات وتصرفات لا تمس بالآخرين، بعيدا عن أي سلطة كانت قانونية أو دينية أو اجتماعية ».

وفي المقابل دون أحد المعلقين على تدوينة أبو حفص:  » القانون لا يتدخل في الأمور الشخصية العقائدية بحيث لا يحاسبك عندما لا تصلي أو لا تسلم على جارك هذا له علاقة بسلطة الضمير وليس سلطة القانون ولكن إذا اعتديت على جارك يتدخل القانون لحمايتك وحمايته من الفوضى ».

وأضاف آخر: « موضوع يحتاج إلى نقاش عميق.. نعم للحرية الفردية بكل تأكيد لكن يجب أن لا تكون على حساب القيم والأخلاق العامة.. متفق معك فالاختيار العقائدي لكن اختلف في بعض المواضيع الأخلاقية كالاعتراف بالزنا كعلاقة رضائية والسماح بالإجهاض بطريقة شرعية وتبخيس مؤسسة الزواج… هذه مشاكل تؤثر على المجتمع سلبا لا نريد مجتمع تزنى فيه البنت أمام أعين والديها وأخوتها تحت مسمى الحرية الفردية أو قوانين تتعامل مع الخيانة الزوجية كأنها شيء عادي ».

مواضيع ذات صلة

لديك أفكار فيديوات ومقالات أخرى ؟ إبعتي لنا اقتراحاتك و أفكارك