في اليوم العالمي للمرأة.. بطلات كفاح يومي لكسب لقمة العيش
هن بطلات قصص كفاح يومي لكسب لقمة العيش، لم يفتح لهن الحظ بابه لتقلد مناصب مسؤولية أو الجلوس على كراسي وثيرة داخل مكاتب مكيفة، بل كان الشارع قدرهن من أجل كسب دراهم تسد رمق الجوع لأطفالهن، أغلبهن لا يعرفن عيدا باسمهن، هن إما أرامل أو مطلقات أو نساء يكافحن إلى جانب أزواجهن دخلن مجالات عمل شاقة تكاد تكون صعبة حتى على الرجال، بائعات متجولات، عاملات خياطة، وحارسات سيارات، هؤلاء بعض من نماذج كثيرة يغيب الحديث عنهن في اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من مارس من كل سنة، يواصلن رحلة الألف ميل بهمة وتحد كبيرين، وكل أملهن ضمان عيش كريم لهن ولأسرهن.
نساء سوق الجملة
يضبطن المنبهات على الساعة الرابعة، يخرجن في ظلمة الصباح، يستقلن أول ناقلة صغيرة « هوندا » أو دراجة ثلاثية العجلات « تريبورتور » متوجهة نحو سوق الجملة، يشمرن على سواعدهن ويخالطن أغلظ أصناف الرجال، ليدرجن في حساباتهن أن عليهن الحيطة والحذر من مكر الماكرين، من أيادي النشالين، وكيد البائعين وأعين المتحرشين، نساء متعففات يقضين يوما كاملا من الكد والتعب مقابل دراهم قليلة من حصيلة البيع، قد يبعن الخبز أو أي شيء إلا الكرامة، قد يبعن الفواكه الخضر، النعناع أو مختلف الأعشاب والنكهات العطرة، في حين لا زلن يبحثن عن نكهة حياة سعيدة أمام قساوة العيش وغدر الزمان.
عاملات الحي الصناعي
يمشين مسافات طوال في جماعات، لعل تجمعهن يصرف نظر لصوص الطرقات عنهن، تباينت أعمارهن وأشكالهن، فيما طوت تقاسيم وجوههن آهات الألم وابتسامات الأمل، يضاعفن ساعات العمل، ويبذلن فوق طاقتهن لانتزاع لقمة حلال، لتأمين جزء من متطلبات حياة ارتفعت فيها الأسعار والتكاليف، يتوجهن إلى الحي الصناعي، الذي غالبا ما يكون معزولا وبعيدا عن المناطق المأهولة بالسكان، يعملن على الأقل عشر ساعات يوميا، في ظروف تنعدم فيها أدنى شروط العمل، إذ تعد نساء المعامل، أضعف حلقة في معامل الحي الصناعي التي يستغل أربابها قلة حيلة المرأة التي قصدت معاملهم وحاجتها لدريهماتهم المعدودة، في حين لا يرحمها مجتمع خرجت من رحمه وبقيت منسية على هوامشه.
حارسات السيارات
هن نساء لسن أحسن حال من سابقاتهن، يبحثن فقط عن شيء من الأنوثة بدواخلهن، قد تشابهت أسماؤهن وأصواتهن بتلك الخاصة بالرجال، يقضين اليوم بأكمله في ترديد عبارات « زيد شويا ليمن »، « دور كلشي لهنا »، « باراكا »، لهن نصيبهن من الجمال ولكن لا حاجة لهن بالأناقة، يلبسن قبعة رياضية، لا يهم شكلها أو لونها أو حجمها، الأهم أن تخفف حر الشمس التي تلسع بشرتهن لساعات طوال، لم يجاورن الشمس طواعية بل دفعتهن إلى ذلك ظروفهن القاسية، ووزرة زرقاء تختفي وراءها معالم قوامهن، يتحملن مسؤولية حراسة العشرات من السيارات في مختلف المرائب، كما يتحملن النظرات اللاسعة والكلمات المائعة، ليجنين دراهم محسوبة أو محاسبات من دون دراهم.
هذه مشاهد من معاناة تتلقاها نساء، لكن بأحلام مغايرة خلال عملهن اليومي، الذي يقضينه تحت لهيب الشمس أو قساوة البرد، ينتظرن قطرة غيث قد تأتي أو لا تأتي، ويأملن في عيدهن العالمي ألا يمر هذه السنة كسابقه، وأن تكون طريقهن مليئة بالورد بدل الشوك.